top of page

الموضوع :
             { هل الليل سابقٌ للنهار ..؟ }

    ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾

الكاتب   : خالد بن عايض الأسمري

اليوم     : السبت

التاريخ : 22/ 03/ 1445هـ

مختصر الموضوع :

 *  لماذا أصبحت العبادات باهتة جوفاء بلا معنى ولا لذة وأصبحت حملاً ثقيلاً وذهب بريق جوهرها وتأثيرها

    المفترض به أن يكون في أنفسنا وفي مجرى حياتنا ..؟

 * لماذا أصبحت الصلاة ثقيلة ثقيلة على نفوس الناس ، يقومون بها أداءً لواجبٍ فقط ، ولولا الخوف من   

   عذاب الله لما أدوها ، ويؤدونها إذا أدوها عادةً وليست كعبادة علماً بأنها كانت عند الأولين راحة كما قال

   رسول الله صل اللهم عليه وسلم ( أرحنا بالصلاة يا بلال ) أين ذهبت تلك اللذة والراحة في الصلاة ؟

 

 * لماذا أصبح صوم رمضان معاناة وتعب برغم وفرة الأكل وتنوعه ، ماذا أثقل رمضان على الناس وقد كان

   خفيفاً ينتظره المسلمون من يوم عيدة إلى يوم بدايته في العام التالي بكل شوقٍ وتلهف ؟

 * لماذا أصبحت فرحة العيد ( الفِطْر المبارك والأضحى المبارك ) فرحة ميتة لا حياة فيها ولا معنى ؟

Besm.gif

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا ورسولنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وعلى أصحابه الغر المحجلين ، وعلى كافْة أنبياء الله ورسله أجمعين ... أما بعد

أسئلة كثيرة وتساؤلات جَمّة حول روح ديننا الحنيف ، خصوصاً عندما نقرأ ما كان عليه الأجيال والأمم السابقة من تلذذ بالعبادات وشوقٌ لما هو دوري منها برغم صعوبتها عليهم التي تظهر لنا بالمقارنة مع ما نعيشه من رغدٍ وراحة ، وعندما نتذكر ما كان عليه أباءنا وأجدادنا من إخلاص وإقبال على العبادات بأنفسٍ مشتاقةٍ تواقةٍ للطاعات والعبادات .. فأين ذهب كل هذا الشغف والحب للعبادات من قلوب الناس اليوم ..؟

بالتأكيد أنه ليس الخلل في العبادات لأنها أنزلت وشُرِّعت لنا من الله سبحانه كاملةً وافيةً في ذاتها أركاناً وواجبات ، وكاملة في تحديد موعدها بكل دقة ، انظر لقول الله عز وجل في تحديد وقت الصلاة  ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]

أي محددة الوقت والزمان بدقة ، إذاً فإن الخلل يكمن فينا نحن بأحد أمرين ( إما في طرق أداءنا لها ، أو في توقيتنا لأدائها ) فأما فيما يخص طريقة أداءنا لها فهو أمرٌ مستبعدٌ نسبياً لأننا نتبع في آداء عباداتنا بما جاء في القرآن الكريم والسٌنّة النبوية المُطَهْرة .

لذا قد يكون الخلل في توقيتنا للعبادة وبما أنه هذا الافتراض هو الأقرب ، لأن الناس مجتهدون ملتزمون بأداء العبادات بالطريقة المذكورة في كتاب الله وسُنّة رسوله  

لذا .....

فإن الوقت هو أساس الحياة ، به نحيا وبه ننتقل للحياة الأخرى وبه نولد وبه نكبر وبه يتناما الصغار فيصبح الصغير كبيراً ، وبه تتقادم الأشياء وتتهدم بعد كمال بنيانها فتصبح ركاما وخراباً بمرور الوقت عليها ، وبه تُسيّر شُئون الكون كله ، أعلاه وأدناه وأوسطه وأوله وآخره ، بكل ما فيه من مخلوقات حيّة وغير حيّة ، وبه تتنظم سير كل الحياة 
وبه تتنظم أوقات العبادات كمواعيد الصلوات ومواعيد الصيام ومواعيد الزكاة ومواعيد الحج ومناسكه ، فإذا اختل ميزان الوقت اختل كل شيء ولذلك فإن أردنا أن نتلف أي شيء كل ما علينا فعله هو اللعب في إعدادات وقته ، ( تأخير الصلاة عن وقتها يُتلِفها حتى لو صليناها بكل خشوع واجتهدنا في أدائها كما يجب ولكن في غير وقتها )  ( كذلك لو صُمْنا رمضان في غير وقته لما قُبِل منا ولو اجتهدنا في أداءه كما يجب )   ( وكذلك لو أدينا الزكاة بعد صلاة العيد لأصبحت صدقة ولم تكتب لنا زكاة ) 
إذاً فالوقت هو القالب الذي يجب أن نحافظ عليه وعلى مواعيده بكل دِقّة ونُزامِن عباداتنا وشُئون حياتنا وفقا لنظامه الذي نظّمه لنا الله في تشريع الإسلام يقول عزّ وجل 
﴿ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾[ يس: 40]

 أي أنه لا يمكن للشمس أن تتبع القمر لأن القمر هو من يتبع الشمس ويأتي بعدها ولا الليل سابق النهار لأن الليل هو من يتبع النهار ويأتي بعده ، 

فكيف تستقيم عبادة نبدأها بمخالفة ما جاء به الله سبحانه ، كيف لنا أن نجعل الليل هو أول اليوم والنهار آخره ، كيف لنا أن نُصلي قيام الليل لأول يوم من رمضان قبل أن يبدأ اليوم فنجعل الليل أولاً ونجعل صيامنا بعد قيامنا ثم نتوقف عن قيام ليلة آخر يوم من رمضان لنحتفل بيوم العيد الذي لم يبدأ بعد ؟

وكيف لنا أن نستمتع بعيدنا وقد خالفنا سُنّة الله الكونية ، وقد أخبرنا بمواعيدها في الآية الكريمة ( بأن النهار يبدأ أولاً ويتبعه الليل ) إذاً فإن اليوم يبدأ مع بيان الخيط الأبيض من الفجر ويستمر حتى ينتهي في آخر السحر قبل بيان الخيط الأبيض من فجر اليوم التالي

سؤال : هل كان رسول الله صل اللهم عليه وسلم أو أصحابه أو التابعين أو تابع التابعين إلى آخر العهد العباسي يصلون القيام قبل الصيام ..؟ ( بالتأكيد لا ) لأنه لم ليكون لأحدٍ منهم مخالفة سُنّةِ الله الكونية ولذلك كانت عباداتهم سليمة صحيحة وبالتالي وجدوا راحتهم بها وفيها فكانت لقلوبهم سكنا ولأنفسهم راحة ...
واسمحوا لي بأن أذكّر أولئك الذين لحقوا بآبائنا الذين كان يومهم يبدأ فجراُ بتوقيتهم المُسمى ( التوقيت العربي ) أو الغروبي .. كيف كان تأثير عباداتهم عليهم سكينةً ووقارٍ وحكمةٍ في تسيير شئون حياتهم . فَوصِفت حياتهم بـ " البساطة" 
 

فمن لعب في إعداداتنا فجعلنا نحدد بداية اليوم الجديد في منتصف الليل ..؟

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ "  [صحيح] - [متفق عليه]

ختاماً إن الخطأ من صفات بني آدم ولا بأس للإنسان أن يخطئ ولكن .. ويلٌ لِمَن عَلِم الخَطأ واصَرّ واستمر عليه .


 ( اليوم يبدأ مع أذان الفجر ويستمر حتى أذان الفجر لليوم التالي ) 

 والله تعالى أعلم 
هذا والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة محمد بن عبد الله ، والحمد لله رب العالمين 

اخترنا لك

photo
photo
photo
photo
photo
bottom of page