top of page

الموضوع :

{  صَـانِعُ الســـــــلام }


 ( الســـــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركـــــــــــــاته )

الكاتب   : خالد بن عايض الأسمري

اليوم     : الأربعاء

التاريخ : 30/ 4/ 1439 هـ

photo

مختصر الموضوع :

صانع السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده ، حمداً يليق بجلال وجهه المبارك ، وبعظيم سلطانه العظيم .. وصل اللهم وسلم وبارك وزد وأنعم على نبينا ورسولنا الأمين ، محمد بن عبدالله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ... وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وعلى أصحابه الغُر الميامين ، وعلى كافة أنبيائك وعلى رسلك أجمعين ... اللهم آمين 

أما بعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التصالح مع الذات

فاقد الشيء لا يعطيه ، إذا لم تكن في سلام مع ربك ، ومع نفسك ، ومع أسرتك وعائلتك ، ومع جيرانك وأصدقائك وزملاء العمل ، ومع الشعب الذي أنت جزء منه ، ... فلن تستطيع صنع سلام مع عدوك وعدو ملّتك ومعتقدك

ابدأ بصنع السلام مع ربك أولاً ...

ثم اصنع السلام مع نفسك ثانياً ...

يسهل عليك صنع السلام مع محيطك ( أسرتك ثم عائلتك ) ثالثاً ...

تجد نفسك تصنع السلام مع جيرانك ...

وتجد نفسك تصنع السلام مع مجتمعك ...

وبعدها تجد أن محيطك الأممي يصنع السلام معك ...

ومن ثم ستجد أن عدو ملتك ومعتقدك يصنع السلام لك ومعك ...

 

أساليب وأسس السلام ، ومعوقاته

أولاً : السلام مع ربك

    ** للسلام مع ربك أسلوب وأساس واحد فقط ، إن أتقنت فَــنّـه في جميع علاقاتك العقائدية والعبادات المفروضة ، ستجد أن السلام مع الله قد سكن نفسك واطمأنت نفسك به ........  إنه ( الإخلاص )

   1. انفرد بالعبادة ، اجعل عباداتك السرِّية بينك وبين ربك أفضل واكثر واطول من عباداتك الجهرية بدأً بالصلاة

   2. لا تتحدث لأي إنسان عما يدور بينك وبين ربك في الخفاء

   3. أكثر واجتهد بقدر ما تستطيع في صدقة السِر

   4. لا تصلي خوفاً من أن لا يراك الناس تصلي

   5. لا تظهر إي عبادةٍ باستطاعتك إخفاؤها

    ** إن أتقنت فعل هذه النقاط الخمس التي سَتَخْلِق في نفسك يقين إخلاص العبادة لله دون النظر إلى ما يعتقده الناس ، عندها وعندها فقط ستجد السلام المنشود مع الله لأن الله يُحِب الإخلاص في النية بالعمل لذلك كانت أعظم درجات المسلم في علاقته مع الله هي ( الإحسان : والإحسان هو " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " )

    ** وإن معوقات هذا السلام هي في

  1. التباهي بالعبادة

  2. الإعلان عنها للناس

  3. قِلّة أو عدم التصدق إلا بمعرفة الناس ولو كان شخصاً واحداً

  4. الذهاب إلى الصلاة في المسجد ليراك جيرانك تصلي

  5. إفشاء سر عباداتك التي كان يجب سترها

    ** إن هذه النقاط الخمس التي ستخلق في نفسك حب مدح الناس لك على أفعالك مما يقودك لأكثر ما كان رسول الله صل اللهم عليه وسلم يخاف عليك وهو ما أسماه بــ ( الشرك الخفي ) '' الرياء ''

 

ثانياً : السلام مع نفسك

    ** للسلام مع نفسك أساليب وطرقٌ شتى ، منها ما هو ناجح ، ومنها ما هو فاشل ، ومنها ما بين ذلك ... وهناك معوقات للسلام مع النفس يجب تجنبها

  1. أكثر من الخلوات مع نفسك في سكون

  2. راجع حساباتك مع نفسك وتفقد أفعالك من أجل تصحيح ما أخطأت فيه في حق نفسك أو غيرك

  3. أنظر بعين عقلك ونظرك إلى ملكوت الله مسبحاً بحمده انظر إلى السماء بنجومها , وإلى البحر ومخلوقاته ، وإلى الناس وعلاقاتهم البشرية

  4. تأمل وتفكر وتدبر في آيات القرآن الكريم التي تحوي قصصاً معجزة ، وحِكَماُ بالغة ، وآيات الإعجاز العلمي ، وآيات الوصف

  5. سامح نفسك على كل أخطائها ( وهذه الخطوة هي أهم وأكبر وأصعب الخطوات التي يجب أن تتخذها )

  6. سامح كل من أخطأ في حقك بقصد أو بغير قصد ، لأن المسامحة تخلق وتبني في ذاتك سمو ورفعه ، وتحلق بك في فضاء لا يمكن وصفه بالكلمات .

  7. اختر لنفسك هدفاً تخدم به الإنسانية مهما كان صغيراً وابذل جهدك كله من أجل تحقيقيه ، ففي تحقيقه غاية الرضى عن الذات بإذن الله

    ** إنها خطوات على قدر عظيم من الأهمية ، تنقلك من حال الشقاء والكدر والنغص ، إلى حال التصالح مع الذات ، والشعور بالرضى ، والسلام الذي يجعل الأنسان سعيداً

    ** أما معوقات السلام مع الذات فإنها تتلخص في

  1. الحسد

  2. الكُره ( البغض )

  3. الأنانية وحب الذات

  4. السعي للانتقام

  5. عدم محاسبة الذات وعدم مراقبة أفعالها لتصحيح الخاطئ منها وتقويم المعوج منها والتأكيد على الصالح منها

  6. ضياع الوجهة بسبب عدم وجود هدفٍ سامي مهما كان صغيراً لخدمة الأمّة والإنسانية ، مما يسبب عدم القدرة على التركيز وبالتالي الشعور بالإحباط وبالتالي السماح للمشاعر السلبية بالتسلل إلى الذات .

  7. وأخيراً وليس آخراً : إن هجرك للقرآن الكريم وعدم الارتباط به ، هو من أعظم ما يمكن أن يوصف بالقسوة على النفس وحرمانها من أعظم مورد للسعادة والراحة والسلام

    ** هذه النقاط السبع هي مختصر ما يحرمك السلام مع نفسك .

 

ثالثاً : السلام مع أسرتك وعائلتك

    ** إن السلام مع أسرتك وعائلتك ثمرةٌ ستثمر من سلامك مع نفسك ... ولكن لتكون هذه الثمرة جيدة بما يكفي ، تحتاج إلى قليل من الرعاية والاهتمام ، وذلك بالاهتمام بالجوانب التالية ..

  1. كن ليْناً في توجيهاتك ، واحذر من الحِرص على التنفيذ .. حتى بأمرهم بأداء العبادات  فالأمر والإلحاح يولد التمرد والنفور ولو على المدى البعيد

  2. لا تقدم النصح والتوجيه والإرشاد إلا لمن يطلبه منك

  3. اجعل من نفسك مرجعاً يرجع إليه الجميع في أي وقت ولا تقفل بابك في وجه أحد لجأ إليك

  4. اجعل نصحك وتوجيهك من خلال افعالك قبل أقوالك

  5. التغافل والتسامح لغة العظماء ، كن عظيماً في عيون أقربائك بكثرة العفو والتسامح

 

    ** معوقات السلام مع أسرتك وعائلتك

  1. كثرة الصراخ والعبوس والتَّجَهْم في الوجوه

  2. التدقيق وعدم التسامح مع من أخطأ

  3. الحِرص على تنفيذ أوامرك ونواهيك

  4. تقديم النصائح بدون طلب ، ثم ان تعمل بعكسها

  5. وضع حواجز زمانيه أو مكانية تُحَرِّم عليهم التواصل معك خلالها أو فيها

 

رابعاً : السلام مع جيرانك وأصدقائك وزملاء العمل أو الدراسة

    ** للسلام مع جيرانك واصدقائك وزملاء العمل والدراسة مبادئ أساسية لن تجد السلام مع أي منهم إلا بها ..

  1. التسامح والعفو عن الزلات

  2. بشاشة الوجه

  3. المبادرة بالسلام في كل مره ترى أحدهم أو بعضهم

  4. الحرص على التواصل المستمر والسؤال عن الأحوال

  5. السكينة والهدوء في التعامل

  6. غض البصر عن محارم الجار / وأغض طرفي إن بدت لي جارتي ... حتى يواري جارتي مأواها

  7. اعتبار أبناء جيرانك أبنائك وبالذات في المناسبات الخاصة والعامة ( لا تنساهم من بعض الهدايا البسيطة )

    ** وأهم موانع السلام مع الجار والصديق وزميل العمل والدراسة

  1. اشعال نار التنافس ( المجاكرة ) على أي شيء

  2. اطلاق النظر إلى ما يحرك غيرته

  3. علو الصوت والصياح والصخب

  4. التجاهل وعدم القاء التحية عند اللقاء

 

خامساً : السلام مع مجتمعك الذي أنت جزء منه

    ** لمجتمعك عليك حقوق يطالبك بها ضميرك ( الذي يجب أن يكون حياً يرزق ) وإلا فلن تجد السلام في مجتمعك وستضطر إلى التفكير في الهجرة للهروب منه لعدم احساسك بالرضى عنه .. فإن فكرت في الهجرة من مجتمعك أو وجدت أن لك رغبة في الهروب منه فاعلم بأنك مقصر في جانب مهم من حقوق هذا المجتمع .. وأهم تلك الحقوق هي

  1. تخصيص جزء من تفكيرك واهتمامك بتحسين الحياة المجتمعية ، إذ يجب أن يكون لك اسهامات ولو بمجرد الكلام فيما يعود بالنفع عليه

  2. أنت كخلية صغيرة في جسد به ملايين الخلايا ، فإن كنت خلية طيبة نافعة لقيت من مجتمعك كل الحب والوئام الذي يولد لديك الشعور بالرضى والسلام

  3. ليكن اسهامك في مجتمعك بعيداً عن النقد الجارح أو النقد الذي يدل على سخطك ونقمتك ، فليكن نقدك مبطنا بالحب والرحمة

    ** وهنــاك حقــوق أخــرى يصعب التطــرق إليها ولكنك ستكتشفها وستكتشف فوائدها بمجرد أن تخصص جزء من تفكيرك لمصلحة مجتمعك ، أما ما يجعل الانسان يفقد الإحساس بالسلام مع مجتمعه فهي

  1. الأنانيــة وحب الكسب المــادي أو المعــنوي أو كليهــما من هذا المجتمــع دون النــظر للمصلــحة الــعامة ، وهــو ما يسمى بـ  " الجشع  "

  2. أنت كخلية صغيرة في هذا المجتمع ، فإن كنت كالخلية السرطانية أو الخلية المريضة فقدت الإحساس بالطمأنينة والسلام في هذا المجتمع

  3. الجفاء والقسوة والنظرة الدونية لمجتمعك أهم وأقصر الطرق لفقد السلام معه

 

سادساُ : السلام مع عدوك وعدو ملّتِك ومعتقداتك

    ** مهما بلَغَت حِدَّةُ الخِصَام والعداوة بينك وبين أي أُمَة تعتبرها عدوةً لك ...  تذكّر أن ربك وربهم واحد وأن أبوكما واحد وأمكما واحدة ، وأن ليس من طبع الإسلام الفجُور في الخصومة ، ولا يسمح لك الإسلام بالنزول عن سمو الأخلاق الإسلامية لأي سببٍ كان حتى وإن كان من أجل الاختلاف في العقيدة ،  فأنت بدون الأخلاق السامية العطرة لست بمسلم إلا باللسان فقط .. وليس معنى أن يكون ردك على من خالف عقيدتك بأدب ورقي أنك تتبنى مفاهيمه ومعتقدة ، لا .. ولكن لأن الله يقول في كتابه الكريم ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) هناك مجادله وهناك أخذً في الحديث ورد ولكن في إطار التي هي أحسن الأخلاق والأدب وحسن المعاملة ...

فإن أنت كنت مثالاُ للأدب وحُسن الخُلُق وسمو التعامل مع عدوك وعدو ملتك ، يصبح عدوك هو الساعي إليك بالود والاحترام والتقدير وربما كنت سبباُ له بالدخول في معتقدك ودينك .. يقول الله سبحانه وتعالى ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )

 

ختاماً : عندما تبلغ مرحلة السلام مع عدوك ، وتجد أن من يعتبر عدو ملتك يسعى إليك بالسلام والوصال ، فاعلم بأنك على رأس هرم السلام الذي قاعدته وأساسه سلام الله عليك ورحمته وبركاته

 

 

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وكافة أنبياء الله ورسله أجمعين ـ والحمد لله رب العالمين

 

 

أخوكم في الله

خالد بن عايض الأسمري

photo
photo

تعليق وحوار

photo
bottom of page