بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد
في زمنٍ تلاطمت بنا فيه أمواج الفتن ، وذُهِل من هولها كل ذي عقلٍ لبيب ، كثر النقاش وكثرت الأسئلة وهاجت وماجت الأفكار حول كيفية معالجة هذه الفتن ، ( اختلاط ، وكشف ستر ، وقتل الحياء ، وحروب في الشمال والجنوب وفتن في الشرق والغرب ، ثم طامة كبرى باعدت بين الناس أجمعين وبين أشخاص المصلين وبين الأقارب والأحبة ، وحرمان من صلوات الجماعات في المساجد ووقف صلوات القيام في رمضان وحرمان من مناسك الحج والعمرة وأعياد موقوفة ، وموت كثير ، وغلاء كبير وازدياد وتفشي للفقر والعوز ) ...
ولكن السؤال الأبرز والأهم والأحق به أن يُسأل والبحث له عن إجابة مقنعة (فجواب هذا السؤال هو نصف العلاج لهذه الفتن بمجملها ... وهو:
-
بما أن خلف كل نارٍ مُحرِقة مُوقِدٌ لها ، وخلف كل سيل هادر غيمة ماطرة ، فمن هو وما هو السبب وراء هذه الفتن ..؟
الجواب : نحن السبب وراء هذه الفتن ، بأكلنا واستحلالنا لكبيرة ( الربا ) الذي أسخط ربنا فأرسل علينا الدنيا بمصائبها وفتنها تسوقنا سوق الكلاب للبهائم نحو جرف الهلاك .... قروض البنوك ربا ، الفرق بين البيع بالآجل والبيع بالتقسيط لنفس السلعة ربا ، العقود المؤجرة المنتهية بالتمليك ربا ، جميع الفوائد على أي نوع من أنواع القروض الواجب سدادها بالآجل سواء بأقساط أو بالمؤخر كلها ربا . فالقاعدة الفقهية للربا تقول {كل قرضٍ جلب نفعاً فهو ربا } .. هل تعلم أنك لو قربت حذاء مُقرضك إليه بسبب أنه أقرضك قرضاً ، فإنك أنت وهو دخلتما في قاعدة الربا ..؟
-
الأولى : قال الله تعالى - (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)) سورة البقرة .
المبادرة بالتوبة الصادقة من الربا بجميع أشكاله وصورة ومن كل من له صلة به من بعيد أو قريب ، توبة لله سبحانه وتعالى وإعلان التوبة خير وأزكى من إسرارها.
-
الثانية : قال تعالى( أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)) سورة الأعراف إن الله قد سن في سننه سبحانه أن الفتن تسبق العذاب الدنيوي ، فإذا كانت هذه هي الحال ، فإن طوق النجاة الوحيد من هذا العذاب هو بالنصح والموعظة الحسنة لكل من تعرف ومن لا تعرف بترك جميع أنواع الربا مهما كان مضطراً له
-
الثالثة : قال رسول الله صل اللهم عليه وسلم : إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء. رواه الترمذي وغيره. . الإكثار من الصدقة والمداومة عليه تجعلك عند الله من المتصدقين وبذلك تخرج من المغضوب عليهم وتدخل في المحبوبين عند الله فينجيك سبحانه .. ألا أدلك على خير عمل تنقي به راتبك الذي يأتيك عن طريق البنوك الربوية ..؟ قم بتزكية راتبك لتعود إليه البركة بإذن الله ... أخرج ( 2.5% ) منه كزكاة كل شهر واصرفها على من يستحق من أصحاب الحاجة أو بسقيا ماء للمصلين في المساجد . وأبواب الخير كثيرة.
{ إجمالي راتبك الذي ينزل في الحساب كل شهر × ( 2.50% ) = مبلغ الزكاة الواجب إخراجها لتزكية راتبك }
-
الرابعة : قال الله تعالى( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)) سورة الأنفال . أكثر من الاستغفار واجعله عادة يرددها لسانك كعادة تنفسك للهواء ( إن استطعت) فإن الله لا يعذب المستغفرين أبدا
ختاماً: نسأل الله الهداية للجميع
( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) )
بقلم الفقير لرضى الله : خالد بن عايض الأسمري
1442هـ
